قصاصة سرية من دفتر يوميات فتاة
مجنـــونـــة
الخميس العاشر من سبتمبر الساعة الرابعة عصراً ...
انه
احب الأيام إلى قلبي ... انه يوم الزيارة .. وسوف تأتى شقيقتي لزيارتي ... إنها
الوحيدة التي تزورني منذ أن أودعني أبى مستشفى الأمراض العقلية ... برغم أني لا
أعاني أي مرض ... أنا لست مجنونة أتمتع بكامل قواي العقلية .. مشكلتي الوحيدة أنى
احب طعم الدم .. هل من الجنون أن يحب الإنسان طعم الدم ؟؟ لا اعتقد خصوصاً إذا
امتزج بالحليب .. وبرائحة أمي .. هل تذوقتم مزيج الحليب بالدم ورائحة أمي ؟؟ ميقنة
بانكم لم تفعلوا .. لان هذا المزيج خاص بي أنا فقط .. لم يتذوقه غيري ... لانه
يومها لم يكن هناك أحد غيري في المنزل .. فقط أنا وامي ..
كنت في الثانية من
عمري .. وما زلت ارضع ثدي أمي برغم احتجاجات أبى المتواصلة على إصراري رفض كل
الأطعمة والمشروبات عدا حليب أمي .. يعتقد أنني كبرت على الرضاعة ... ههة انه غيور
.. يغار من حب أمي لي لانه لا يمنحه مساحة كافية ترضي أنانيته البغيضة في الاستحواذ
عليها .. أمي المسكينة الضئيلة الحجم ... وضئيلة العقل ايضاً .. كانت امرأة خائفة
بصفة مستمرة .. فهي تخاف الناس والأصوات العالية .. تخاف الظلام والحشرات .. وتخاف
أبي .. إنها تتنفس الخوف وتعيش به ... استشعرت خوفها بحسي الطفولي وحاولت أن أخرجها
من عالمها المتحوصل حولنا أنا وأبي .. عندما بدأت أحبو اتجهت قوائمي مباشرة إلى
الباب الخارجي في محاولة لاستكشاف ما يخيف أمي وراء جدران بيتنا الصغير .. لكنها لم
تنحني الفرصة فقد انتزعتني بذعر هائل من العتبة الخارجية واصبح عالمي محصوراً في
مسافة امتداد الحبل الذي يربط قدمي الصغيرة بقائمة السرير الخشبي القديم في غرفة
نومها ... لم اهتم بالقيد كثيراً فقد وجدت ما يشغلني .. مجموعة من الحشرات الصغيرة
التي اعتادت زيارتي بانتظام .. وملاحقة خطواتي المقيدة عندما أحاول الهروب منها ومن
لسعاتها المؤلمة .. وبرغم ذلك نشأت بيننا علاقة سرية قوية .. كنت أدرك خوف أمي منهم
.. لكنهم أصدقائي ولن ادعها تتخلص منهم .. من سيؤنس وحدتي إذا فعلت .. فهي مشغولة
بامور أخرى خارج نطاق فهمي وتتركني وحدي فترات طويلة .. لذلك اعتدت على إخفائهم
تحتي حال سماعي خطوات أمي حتى لا تذهب بهم بعيدا .. لكن اعتقد انهم لا يرغبون في
الاختفاء لانه بعد رحيلها يرفض معظمهم معاودة الحركة واللعب معي .. يظلون في سكون
تام والقلة القليلة التي تتحرك تهرب مني بحركة مترنحة حالما ارفع جسدي الصغير منها
...