سفر الإنسان من البدايه الي النهايه

بسم الله الرحمن الرحيم

أوراق
نحن نعيش في غابة من الورق.. ورقة تعلن عن ميلادنا... وأخرى تعلن عن وفاتنا..وأخرى تثبت

أننا ما زلنا أحياء... وأخرى تثبت رجولتك أو أنوثتك...وورقه تجعلك محط الأنظار.. وأخرى

تضعك تحت الأقدام

وورقه تنقلك لجميع أنحاء العالم... وأخرى تزج بك لغياهب السجون مقيد الحرية..أوراق... أوراق... حياتنا أصبحت تتحكم بها الأوراق....

ليس العيب بالورق.. ولكن العيب بمن خط على الورق.. فبجرة قلم تصبح ورقه صغيره لا قيمة لها

كنزا من الأموال.. وبالتالي تجعلك محط الأنظار ومطمعها.. تنحني لك القامات..تشترى النفوس بأقل

الأوراق وأحقرها...تتفتح لك كل الأبواب الموصدة...يصبح همك كله المحافظة على تلك الأوراق

ومحاولة زيادتها بكل الطرق المشروعة والغير مشروعه... ليلك كله قلق وتوتر وخوف على

ضياعها.. نهارك تائه ضائع في جمعها.. تصنع الخزائن... تجلب الحراسة... تضيع حياتك كلها

بين تلك الأوراق..وبجرة قلم أيضا على ورقه بيضاء لا قيمة لها.. تعلن بها إفلاسك.. انهيار

نفوذك...تغلق في وجهك ما فتح من الأبواب...

وبجرة قلم أيضا يعلن بها موظف الصحة عن قدومك للحياة.. وانك أصبحت فردا بالمجتمع..وترى

الفرحة الكبيرة على وجه أبويك واهلك بهذه الورقة...تقام الأفراح... وتدق الطبول...

ورقه أيضا تعلن عن ميلاد نبضات قلبك وانك أصبحت شابا يافعا ودق الحب بابك...عندما تسطر

أناملك خطاب لحبيبك... أو تسطر كلاما منمقا شاعريا تصف به مشاعرك المتوهجة.. تقضى

الساعات أمام الورق..تخفى بها حمرة خجلك من مواجهة الحبيب... فتكون تلك الورقة رسول

الغرام.. وبعد زمن تصبح تلك الورقة عقدا للزواج وتعلن عن دخولك لعالم الرجال أو النساء...تسطر


بها عالمك الخاص بك

وورقه أخرى تتحكم وتغير مصير أمه بل الانسانيه جمعاء.. إنها ورقه خطيرة... ومن يخطها يذكره

التاريخ بمداد من نور.. أو يلعنه على مر العصور...ثورات... حروب... فتن... هزائم ونكسات..

انتصارات وفتوحات انهيار إمبراطوريات... مكائد ودسائس...اغتيالات.. دماء هنا وهناك...

مجاعات... حروب أهليه...ابتكارات واختراعات...

وفى لحظه واحده... تعلن ورقتك الاخيره عن نهاية عمرك ووفاتك.. وهى ورقه لا تخطها بيدك كورقة ميلادك

ولا تكون موجودا ً حينها..ورقه تكتب بدموع حارة.. ودعوات بالرحمة والمغفرة..ورقه تعلن عن

انتهاء العمل وحلول الحساب..ورقه مفاجئه تأتى بطرفة عين... ورقه ننساها أو نتجاهلها دائما..لا

نعمل لها جيداً..ورقه لا نستطيع شراؤها بكل ما نملك من ورق لدينا... إنها ورقة النهاية... حيث

نصبح مجرد ذكرى.. في عالم آخر لا يتعامل ولا يعترف بهذا الورق...ولا قيمة له...والسعيد هو

من يستغل كل أوراقه في حياته لينتفع بها في عالمه الابدى.. عالم الحقيقة الوحيدة في هذا

الكون...ويصبح كل ما جمعناه من ورق في حياتنا كاللعبة بين ايدى الغير نجمعه ليستفيد به غيرنا...

وتأتى اخطر واهم ورقه .. ورقة الفصل والميزان.. ورقة الجنة والنار... ورقة العمل الصالح

والطالح..ورقة ترتعد وتقشعر لها الأبدان..ورقه لا يخطها انس ولا جان...يسجل بها عمرك

كله..أنفاسك.. همساتك.. حسناتك سيئاتك.. ورقه مستمرة معك من مولدك حتى مماتك.. لا تتوقف

الكتابة فيها إلا مع خروج النفس الأخير...


إنها كتابك
بسم
الله الرحمن الرحيم(( ....ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد.. وجاءت سكرة
الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد...)) صدق الله العظيم.
((..فأما
من أوتى كتابه بيمينه فسوف يحاسب حساباً يسيرا.. وينقلب إلى أهله مسرورا..
وأما من أوتى كتابه وراء ظهره فسوف يدعو ثبورا.. ويصلى سعيرا..)) صدق الله
العظيم